* تم نشر هذا المقال في صحيفة العرب القطرية بعد اختراق وكالة الانباء القطرية ونشر تصريحات مكذوبة و منسوبة سمو الآمير.
بات جلياً أن الحروب في يومنا هذا لم تعد تدار في ساحات المعارك، بل إن التكنولوجيا أصبحت ساحة مفتوحة لصراعات سياسية واختلافات فكرية، هذا الأمر جعل من الساحة التكنولوجية بيئة خصبة للمنتفعين والمرتزقة الذين يقتاتون على مثل هذه الصراعات، وقد بلغت حالات الاختراق في السنوات الثلاث الماضية أوجَهَا، وكان لكل عملية اختراق بُعدُها السياسي وهدف موجَّه، ولم تَستثْنِ هذه الصراعات دولاً من أخرى، فيكفي لنا أن نتأمل أن هذا الأمر ألقى بظلاله على أكبر الأحداث السياسية حول العالم كانتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة وفرنسا، فأصبحت هذه الساحة مجالاً خصباً لإدارة الحروب بين الأطراف المختلفة.
وما يهمنا كمتخصصين تِقَنيِّين هو كيفية حماية جهاتنا الرسمية والخاصة من أن يطالها هذا الوباء، أو أن تكون جزءاً من هذه الحروب، حتى وإن كان ذلك دون قصد، وللأسف يخطئ الكثير من المتخصصين تقنياً في حصر خطر الاختراقات لأنظمة مؤسساتهم في الجانب التقني فقط، وأنا هنا من وجهة نظري الشخصية أزعم أن الخطر التِّقني المسبب للاختراقات قد لعب دوراً لا يتعدى %10 من غالبية الاختراقات المسيسة التي حصلت في السنوات الأخيرة، وأن بقية الاختراقات تمت عبر اختراقات داخلية لمؤسسات كثيرة حول العالم، وما يجهله الكثير من المتابعين لهذه الاختراقات أن على الشبكة هناك عالم آخر يدعى بالـDark web وهو عبارة عن سوق سوداء للممنوعات بكل أنواعها من مخدرات، وأسلحة، وإباحية، بالإضافة لتواجد كبير للهاكرز، وتتميز هذه الشبكات بأنها لا تتم أرشفتها في محركات البحث فهي تستخدم تقنيات معينة تجعل الاتصال مباشراً بين أطراف هذه الشبكات أو كما يعرف بـpeer-to-peer connections لذلك يصعب السيطرة على تلك الأنشطة.
وتعتبر هذه الشبكات سوقاً مفتوحاً لثغرات الجهات الرسمية حول العالم في جميع القطاعات المختلفة من قطاعات طاقة، وبنوك إلى بقية الأنشطة المتواجدة بكل دولة، فلا غرابة أن تجد هناك قاعدة بيانات معروضة للبيع تخص عملاء بنك في أوروبا، أو قاعدة بيانات أخرى تحمل معلومات شركة نفطية في الشرق الأوسط، إن محاربة الاختراقات في المؤسسات الرسمية تحتاج اتساعاً للأفق في إدارات تكنولوجيا المعلومات في كافة المؤسسات، ورقابة مهنية لجميع الكوادر الفنية في تلك المؤسسات، وكافة أنشطتهم في المؤسسة، والثقة مهمة لكنها ليست ضماناً لسلامة أمن معلومات أي مؤسسة، كما يجب أن تكون تلك الاحترازات جنباً إلى جنب مع إحدث الحلول التكنولوجية في مجال مراقبة الأداء وأمن المعلومات لأنظمة المؤسسة، ومن المهم أن يكون عمل إدارات تكنولوجيا المعلومات في المؤسسات بروح الفريق الواحد بعيداً عن الاعتمادية على الأشخاص، بل يكون العمل جماعياً لا يتأثر بتواجد عنصر من الفريق دون الآخر، ومن الضروري على جميع المؤسسات أيضاً أن تحمي نفسها قانونياً باتفاقيات عدم إفشاء السرية التي تتيح للمؤسسة ملاحقة كل مسرب لمعلوماتها دولياً.
أخيراً.. نسأل الله أن يحفظ لنا وطننا، وأميرنا، وأن يسخرنا لخدمتهم فيما يحب ويرضى